أخلاقيات ومتطلبات العمل فى الإسلام
إن الاسلام لا يفرق بين عبادة خالصة كالصلاة وبين عمل للحياة وكسب العيش من حيث تقرير ثواب عليه فكل عمل طيب متقن يقوم به إنسان سواء كان خاصا بالعبادة الخالصة أم كان عبادة عن طريق كسب العيش وإثراء الحياة بالإنتاج .. يضع الله النتائج الطبيعية له فى الدنيا ويضع أمامنا الجزاء عليه فى الآخرة كحافز يحمل الإنسان على إجادة عمله وإتقانه مهما يكن نوع هذا العمل.
يقول الله تعالى: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا" (الكهف 30) ويقول الله تعالى فى الجزاء عليه فى الآخرة:"جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار" (البينة 8) وقال تعالى: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" (النحل 97) وتشمل الأعمال الصالحة كل عمل طيب وكل سعى حلال يؤديه الإنسان ويشارك به نهضة أمته وتقدمها وتوفير الحياة المنظمة السعيدة لها من بدء تنظيف الشارع إلى القمة .. هذا فى مصنع, وهذا فى مزرعته أو تجارته, هذا فى ديوانه أو فى ميدانه.
وفى السنة النبويه الكريمة نصوصا متعددة تمجد العمل الطيب وترفع درجته وتكرم صاحبه. يقول صلى الله عليه وسلم:
(من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له) عن ابن عباس
(أن الله يحب العبد المؤمن المحترف) عن ابن عمر.
(ما أكل أحد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده) عن المقداد.
(لأن يحتطب أحدكم خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) عن أبى هريرة.
ونظر الرسول إلى يد إنسان تورمت من العمل وقبلها وقال:(هذه يد يحبها الله ورسوله). ويقول صلى الله عليه وسلم:( إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا السعى على الرزق) ابن ماجه. وسأل الرسول عن أحد أصحابه وقد غاب عنه فقال له إخوته: هو يصوم النهار ويقوم الليل فقال الرسول: فمن يطعمه ويكسوه؟ قالوا:كلنا يا رسول الله ... قال (كلكم خير منه).
ولا يعرف الإسلام ما شاع بين الناس فى وقت من الأوقات من إحتقار بعض الأعمال فكل عمل له قيمته فى نظر الإسلام .. هذا أعطى أجرا والآخر أعطى جهدا .. وقد أوصى الإسلام كلا منهما بأن يتقى الله فيما يبذله للآخر هذا بإعطاء المال دون إجحاف للعامل وذلك بإعطاء الجهد كاملا والعمل متقنا حتى يكون كسبه حلالا طيبا ويصدق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم:( رحم الله امراء إكتسب طيبا).
من كتاب "دستور المهن فى الإسلام" للأستاذ عباس حسن الحسينى
تفاعل مع الصفحة