محاولة إحياء التراث

في مصر اليوم إتجاه قوي للحفاظ علي موروثات هذا الشعب من الفنون والحرف التقليدية التي تعبر عن أصالته وعراقته, فيري النشطون والمسؤولون في مجال الفولكلور التطبيقي والتنمية, أن إقتصار دور معظم الفنون والحرف التقليدية علي تلبية حاجات السائح الأجنبي الذى غالبا لا يدرك أصول الصنعة ولا يعلم الكثير عن قيمها الجمالية الشئ الذي يؤدى إلي إلي أن يصبح الكم أهم من الكيف, وتسود المقولة التي تقول "حُسن سوق ولا حُسن بضاعة" وينتهي ذلك أخر الأمر أن يحتل العامل العادى مكان الفنان, وأن يعيش الفنان الحقيقي في غربة بين بني وطنه.

فلا مناص إذاً من عودة هذه الفنون والحرف التقليدية إلي خدمة المستهلك المصري, وليس معني ذلك هو في العودة إلي إنتاج نفس الأشياء التي كان الأجداد يقبلون عليها منذ قرون, فالكثير منها لن يجد له مكانا في الظروف الراهنة, فينبغي التمييز بين ما هو جوهري وما هو هامشي من المتوارث, وينبغي تشجيع الفنان والحرفي التقليدي, ومساعدة كل منهما علي أن يوظف خبراته ومهاراته وقدرته علي الإبداع والتجديد في إنتاج تحتاجه الأسرة المصرية الحديثة وتقبلها في حياتها اليومية, فالمهم أن يضع العناصر الجوهرية الأصيلة من المأثورات, والتي عليه أن يحافظ عليها كمحافظته علي حياته في إطار منتج يبدعه, ليسد حاجة حقيقية للأسرة المصرية التي أصبحت تعيش اليوم حياة تختلف كثيرا عن حياة الأجداد, عليه أن يأخذ في إعتباره مقتضيات السوق الحديثة, وألا يتخلي عن الذات الثقافية لهذ الشعب.
وهناك أحد مجالات تنشيط أسطوات الفنون والحرف والحرف التقليدية, وهو العمل في ترميم الآثار, تلك الآثار التي أبدعها أجداد هؤلاء الأسطوات تقتضي تضافر العديد من التخصصات والخبرات, وفي القلب منها حمَلة المأثورات, أولئك الذين ورثوها أسرارها, وحفظوا الأمانة عبر الأجيال.

من كتاب "النجارة العربية في مصر"  للدكتور محمود عبد العال


تفاعل مع الصفحة

تفاعل مع الصفحة