مضخّات الحرارة للمياه (Water Heat Pump)
تسخين الماء المنزلي كان دائمًا أحد المكوّنات الرئيسية لفاتورة الطاقة المنزلية؛ في العديد من البلدان يشكّل تسخين الماء قرابة ربع استهلاك الطاقة في المنازل

في العقود الأخيرة ظهرت تكنولوجيات جديدة بديلة عن السخّانات الكهربائية المقاومة والغازية التقليدية، وأبرزها مضخّات الحرارة للمياه (Heat Pump Water Heaters — HPWH) التي تُعدّ من أهم حلول الكهربة وتخفيض الانبعاثات في قطاع المباني. (energyrating.gov.au)
ماذا كان مستخدمًا قبل ظهور مضخّات الحرارة؟
قبل انتشار مضخّات الحرارة، اعتمد السوق بشكل أساسي على:
-
السخّانات الكهربائية المقاومة (Electric resistance): عنصر حراري بسيط يُحوّل الكهرباء مباشرة لحرارة — تقنية بسيطة ولكنها غير فعّالة طاقيًّا نسبيًا. (The Department of Energy's Energy.gov)
-
سخّانات الغاز (مدفونة أو فورية): تحرق الغاز الطبيعي أو البروبان لتسخين الماء؛ أكثر فعالية من المقاومة في بعض الحالات لكن مرتبطة بحرق الوقود وانبعاثات الكربون. (IEA)
-
السخّانات الشمسية الحرارية (Solar thermal): تجمع حرارة الشمس عبر مجمّعات مسطّحة أو أنابيب مفرّغة وتسخّن الماء مباشرة؛ فعّالة جدًا في المناطق المشمسة لكنها تتطلب مساحة أسطح واتّكاء على الشمس أو نظام داعم عند الغياب.
ما هي تكنولوجيا مضخّة الحرارة للماء (ببساطة)؟
مضخّة الحرارة للمياه لا "تولد" الحرارة مباشرة، بل تنقلها — تأخذ حرارة من الهواء المحيط (أو من الأرض/الماء بنظام أرضي أو ماء-ماء) وترفع درجة حرارتها عبر دورة تبريد/ضغط لتسخين الماء داخل خزان. فكر فيها كمبرّد يعمل بالعكس. تتكوّن عادة من ملف تبخّر، ضاغط، مكثّف ووصلة توسّع؛ والنتيجة هي تسخين فعّال مع استهلاك كهربائي أقل بكثير من عناصر المقاومة التقليدية. (The Department of Energy's Energy.gov)
من هو مخترع مضخّة الحرارة؟ لمحة تاريخية موجزة
الأفكار النظرية حول نقل الحرارة والدوائر الحرارية تعود إلى علماء القرن الـ18 والـ19:
-
ويليام كولن (Lord Kelvin / William Thomson) قدّم أفكارًا مهمة حول الحرارة والديناميكا الحرارية منتصف القرن التاسع عشر، وكان له دور في الإطار النظري الذي أدّى لاحقًا إلى إمكانية مضخّات الحرارة. (Zealux)
-
بيتر فون ريتينغر (Peter von Rittinger)، مهندس نمساوي في منتصف القرن التاسع عشر، يُنسب إليه تصميم أول جهاز عملي يقوم باستخلاص الحرارة واستخدامها لأغراض صناعية (تجفيف الأملاح)، ويُعتبر واحدًا من الروّاد في تطبيقات مضخّات الحرارة. (apex-surveys.co.uk)
إن تطوّر الأجهزة التجارية والمنازلية استغرق أكثر من قرن، ومع تقدّم تكنولوجيا الضواغط وسوائل التبريد زادت كفاءة وحداثة مضخّات الحرارة حتى وصلت إلى الأشكال المتاحة اليوم.
كيف تعمل مُضخّة الحرارة خطوة بخطوة (شرح مبسط)
-
مروحة تسحب الهواء المحيط عبر ملف ملئ بمائع تبريد عند ضغط منخفض (مبخر).
-
يمتص المائع حرارة الهواء ويتبخّر إلى غاز بضغط منخفض.
-
الضاغط يضغط الغاز، مما يزيد درجة حرارته (غاز ساخن عالي الضغط).
-
الغاز الساخن يمر عبر مكثّف/ملف حول خزان الماء وينقل حرارة الماء، فيتكثف الغاز إلى سائل.
-
السائل يمر عبر صمام توسّع ثم يعود للمبخر ويعيد الدورة.
إذا تعذر على المضخّة تلبية الطلب في ذروة الاستهلاك، تفعّل عناصر احتياطية كهربائية داخل الخزان.
أداء وكفاءة — ماذا تقول الأرقام؟
-
المعامل التشغيلي (COP): يقيس نسبة الطاقة الحرارية المنتجة للطاقة الكهربائية المستهلكة. معظم مضخّات الحرارة الحديثة لِتسخين الماء تحقق COP بين ~2 إلى 5 حسب النوع والظروف (أي تحصل على 2–5 كيلوات حرارة لكل 1 كيلووات كهرباء مُستهلك). لذلك تكون كفاءتها 2–5 أضعاف المقاومة الكهربائية، وأعلى من الكثير من أنظمة الغاز عند قياس الطاقة النهائية. (The Department of Energy's Energy.gov)
-
تأثير على الانبعاثات والقدرة على الاستبدال: تقرير الوكالة الدولية للطاقة يشير إلى أن المضخات يمكن أن تغطي أكثر من 60% من حاجات التدفئة والمياه العالمية مع انبعاثات أقل مقارنة بالاعتماد على الغاز عندما يصبح توليد الكهرباء أنظف. (IEA)
-
توفير الطاقة مقارنةً بالمقاومة الكهربائية: وزارة الطاقة الأمريكية تذكر أن مضخّات حرارة المياه قد تكون مرتين إلى ثلاثة أضعاف أكثر كفاءة من السخّانات الكهربائية المقاومة. (The Department of Energy's Energy.gov)
-
تجارب وسياسات محلية: جهات حكومية أسترالية تشير إلى أن مضخّات الحرارة قد تستخدم ~30% من الطاقة التي تستهلكها أنظمة الكهرباء المقاومة التقليدية لتسخين نفس كمية الماء (أي توفير حوالي 70% من الطاقة في بعض الظروف). (Energy.gov.au)
ملاحظة مهمة: الأرقام (COP، نسبة التوفير) تعتمد بشدة على ظروف التشغيل: درجة حرارة الهواء المحيط، حجم الخزان، عزل الخزان، وفترات ذروة الطلب. في المناخات الباردة قد تنخفض كفاءة المضخّة الهوائية النمطية نسبياً مقارنة بمناخ دافئ أو مقارنة بالمضخّات الجوفية. (IEA)
مقارنة عملية بالسخانات المستخدمه حاليا
مقابل السخّان الكهربائي المقاوم
-
استهلاك الطاقة: مضخّات الحرارة عادةً تستهلك من 25% إلى 50% أو أقل من طاقة المقاومة لتحقيق نفس الخدمة (أي وفورات 50–75% أو أكثر حسب الظروف). (The Department of Energy's Energy.gov)
-
التكلفة التشغيلية: أقل بشكل ملحوظ بسبب كفاءتها العالية، لكن التكلفة الابتدائية أعلى عمومًا. بعض البرامج والحوافز الحكومية تعوّض جزءًا من التكلفة في بعض البلدان. (Tom's Guide)
مقابل سخّانات الغاز
-
كفاءة وتشغيل: سخّانات الغاز لديها كفاءة تحويل وقود جيدة، لكن مضخّات الحرارة تعطي طاقة مفيدة تفوق طاقة الكهرباء المستخدمة (نتيجة النقل الحراري)، ما يجعل الانبعاثات أقل إذا كانت الكهرباء من مصادر أقل كثافة كربونية. حسب التقرير، في معظم المناطق ستصبح مضخّات الحرارة أقل انبعاثًا من الغازات قبل منتصف العقد الحالي مع تنظيف شبكات الكهرباء. (IEA)
-
اعتماد على الغاز والأمان: الاستبدال يقلّل مخاطر التسرب والتهوية المرتبطة بالغاز ويخفض اعتماد المنزل على الوقود الأحفوري.
مقابل السخّانات الشمسية الحرارية
-
الفعالية والمصدر: الأنظمة الشمسية الحرارية تستفيد من طاقة مجانية ومباشرة من الشمس، وهي فعّالة جدًا في الأيام المشمسة وفترات الصيف. لكنها تحتاج مساحة سطح مناسبة وقد تتطلب نظام دعم (عنصر كهربائي/غازي أو مضخة حرارة) في الأيام الغائمة أو ليلاً.
-
الجمع بين التقنيتين: عمليًا، الجمع بين الألواح الشمسية الكهروضوئية (PV) أو السخّان الشمسي الحراري مع مضخّة حرارة يمكن أن يمنح أفضل نتائج: الطاقة الشمسية تغطّي تشغيل المضخّة وتقلّل من فاتورة التشغيل والانبعاثات. العديد من المصادر تنصح بتركيب مضخّة حرارة إذا كان لدى الأسرة كهرباء شمسية على السطح. (Solar Analytics)
إحصاءات ودراسات مختصرة (تمثيلية من مصادر موثوقة)
-
تقرير الوكالة الدولية للطاقة: مضخّات الحرارة قادرة على تلبية أكثر من 60% من احتياجات التدفئة والمياه عالميًا مع انبعاثات أقل من غلايات الغاز في سيناريوهات الشبكات المُنقّاة. (IEA)
-
وزارة الطاقة الأمريكية: مضخّات حرارة المياه يمكن أن تكون 2–3 مرات أكثر كفاءة من السخّانات الكهربائية التقليدية. (The Department of Energy's Energy.gov)
-
دراسات وحكومة أستراليا: مضخّات الحرارة قد تستخدم حوالى 30% من طاقة السخّانات الكهربائية السابقة لنفس الخدمة في ظروف معينة (توفير ~70%). (Energy.gov.au)
-
تقرير أسترالي (ARENA/UTS، 2023): أظهر أن مضخّات حرارة المياه توفر تكاليف التشغيل على المدى الطويل مقارنة بالغاز/الكهرباء، لكن انتشارها يُعيقها التكلفة الابتدائية، واعتماد السياسات والحوافز. (Australian Renewable Energy Agency)
نقاط ضعف ومتى قد لا تكون مضخّات الحرارة الخيار المثالي؟
-
أداء أقل في البيئات شديدة البرودة (لوّحدات الهواء-لماء) ما قد يقلّل COP ويستدعي دعمًا عن طريق عناصر كهربائية. (IEA)
-
تكلفة تركيب أوليّة أعلى من السخّانات التقليدية؛ رغم أن التشغيل أرخص، فاسترداد التكلفة يحدث على مدى سنوات (يعتمد على سعر الكهرباء/الوقود والحوافز المحلية). (Axios)
-
الضوضاء والمكان: بعض الوحدات (المتكاملة) تنتج ضوضاء مثل وحدات التكييف، وتحتاج مكانًا مع تهوية مناسبة ومساحة حول الخزان. (Energy.gov.au)
التوصيات — أي تقنية أختار؟
-
إذا كان هدفك توفير فاتورة التشغيل وانخفاض الانبعاثات، ومع توفر كهرباء ليست مرتفعة الثمن أو وجود ألواح شمسية: أنصح بـ مضخّة حرارة للمياه (HPWH). الجمع مع نظام PV سيعظم الفوائد. (Solar Analytics)
-
إذا كنت في منطقة ذات شتاء قارس جدًا: فكر في مضخّة حرارة أرضية/مائية (إذا كان متاحًا) أو نظام هجين (مضخّة حرارة + غاز احتياطي) لتأمين الكفاءة على مدار السنة. أيضاً راجع مواصفات المصنعين للنماذج المخصصة للمناطق الباردة. (IEA)
-
إذا كان السقْف مشغولًا جدًا وتهيّئ منزلك جيد للتجميع الشمسي: السخّانات الشمسية الحرارية ممتازة، ولكن قد تحتاج نظام دعم للمواسم الغائمة. الجمع بين الشمسي الحراري أو PV ومضخّة الحرارة قد يكون أفضل خيار طويل الأمد. (Clean Energy Regulator)
-
إذا كانت الأولوية للحد الأدنى من التكلفة الأولية وتوافر الغاز رخيص: سخّانات الغاز قد تظل خيارًا اقتصاديًا قصير الأمد، لكن ضع في الحسبان مخاطر الانبعاثات والاعتماد على الوقود الأحفوري وسياسات مستقبلية قد تقيد ذلك. (IEA)
خاتمة
مضخّات الحرارة لتسخين الماء تمثّل تقنية ناضجة وفعّالة تساعد على خفض استهلاك الطاقة وفواتير التشغيل وتقليل الانبعاثات بالمقارنة مع السخّانات الكهربائية المقاومة والعديد من سيناريوهات استخدام الغاز، خاصة عند دمجها مع كهرباء شمسية. رغم ذلك، فإن قرار الانتقال يعتمد على المناخ، التكاليف الابتدائية، الحوافز المحلية ووجود حلول هجينة أو شمسية كمكمّل. بشكل عام، ومع تحسّن شبكات الكهرباء وتوافر الحوافز، تختبر مضخّات الحرارة نمواً سريعاً وتبدو كخيار مستقبلي منفّذ وعملي للعديد من الأسر والمؤسسات. (IEA)
مراجع (روابط مضمّنة للمصادر المستخدمة)
-
"Heat Pumps" — الوكالة الدولية للطاقة (IEA). (IEA)
-
"Heat Pump Water Heaters" — U.S. Department of Energy (Energy.gov). (The Department of Energy's Energy.gov)
-
"How Heat Pump Water Heaters Work" — ENERGY STAR / توضيحات جرافيكية. (ENERGY STAR)
-
"Heat pump water heaters are a winner..." — Canary Media (تحليلي).
-
"Solar water heaters and air source heat pumps" — هيئة تنظيمية/مصادر أسترالية. (Clean Energy Regulator)
-
تقرير ARENA/UTS (2023) عن الماء الساخن والتكلفة/المرونة. (Australian Renewable Energy Agency)
-
مقالات وإرشادات مقارنة محلية/تجارية (SolarQuotes, Solar Analytics) حول المقارنة التفصيلية بين مضخّات الحرارة والسخّانات الشمسية والمقاومة. (SolarQuotes.com.au)
