حكاية الأبيض المائل للبيج: قصة لونٍ يبحث عن مكانه في الضوء
في صباحٍ بارد من شتاء لندن، جلست "فونتانيلا" أمام نافذتها تتأمل الغيوم التي تنسج سماءً باهتة فوق الشوارع الحجرية. كانت تحمل بيدها بطاقة صغيرة طُلي عليها لون غير محدد… لون بين الأبيض والنور، بين الرمادي والبيج، كأنه ظلّ غيمة مرّت في السماء ثم اختفت.
قالت لنفسها بابتسامة هادئة:
"هذا هو… هذا لون العام."
ذلك اللون، الذي سمّته بانتون لاحقًا "راقص السحاب"، لم يكن مجرد درجة لونية، بل كان حالة شعورية؛ لونًا ولد من صمت الهواء ومن الحكايات التي تحملها الجدران عن الضوء الذي يزور المكان في الصباح ويغادر في المساء.
اللون الذي يتغيّر حسب مزاج الشمس
كان الأبيض المائل للبيج مثل شخصية حسّاسة؛
يتبدل مع كل شعاع،
ويتلوّن بقدر ما يقترب الضوء منه أو يبتعد.
في الغرف التي يدخلها ضوء الشمال البارد، يبدو هادئًا، أقرب إلى رمادٍ شفاف.
ومع المصابيح الدافئة يتحول إلى لون يشبه رغوة القهوة.
وإذا وضعته على جدار مطليّ بملمس لامع، انعكس وكأن فيه شيئًا من لمعان الماء.
أما السطح غير اللامع فيجعله يتنفس ببطء، كصفحة كتاب قديم.
كان هذا التفاعل الدائم مع الضوء هو ما يجذب المصممين إليه… ويخيفهم في الوقت ذاته.
حكايات المصممين مع الأبيض الخجول
حكاية اللاتيه الدافئ
في جبال كولورادو، صممت سارة هارت بيتًا صغيرًا على هيئة حرف A، محاطًا بالأشجار الثلجية.
اختارت له لونًا يسمى Minimalist—لونًا يشبه اللاتيه الدافئ في صباح الشتاء.
كانت تريد أن يتمدد الدفء في أركان المكان كما يفعل الحطب في المدفأة.
ولذلك استخدمت الدرجة نفسها في الجدران والأسقف والأبواب، لتصبح المساحة مثل ثوب واحد، لا يعرف أين يبدأ ولا أين ينتهي.
رمادي… لكنه يبتسم
أما المصممة بيغي حداد،
فتحب لونًا رماديًا خفيفًا، يميل إلى الأبيض حين يلمسه ضوء الشمال.
لونًا يجعل الغرفة تبدو كأنها تتنفس ببطء…
لا يصيح ولا يتباهى، لكنه يضيف حضورًا فريدًا مثل هدوء شخص يعرف قوته ولا يحتاج أن يعلنها.
البيج الذي لا يتقادم
في استوديو آخر، اختارت مصممة شابة لونًا تُسميه Mega Greige—لونًا ليس رماديًا تمامًا ولا بيجيًا تمامًا.
قالت:
"هذا اللون لن يصبح قديمًا.
إنه مثل حجر دافئ… يليق بكل زمان."
كان اللون بالنسبة لها مساحة توازن،
مكانًا تقف فيه الألوان الأخرى دون خوف،
وكأنه صديق يجيد الإصغاء.
سحر الدرجات التي لا ترفع صوتها
هناك ألوان لا تحتاج أن تكون صاخبة لتترك أثرًا.
الأبيض المائل للبيج واحد منها.
إنه لون "مؤدّب".
لون يعرف أن الجمال ليس في الظهور وحده،
بل في القدرة على احتضان التفاصيل حوله دون أن يغرقها.
ربما لهذا اختار المصممون دائمًا ألوان مثل:
-
Cotton Balls
-
Swiss Coffee
-
White Dove
-
Whisper
ألوان تحمل دفئًا خفيًا، كأنها تروي قصص البيوت التي سكنتها:
ضحكات الأطفال…
ارتباك الزوار…
صمت الليالي الطويلة…
ورائحة الخشب الجديد.
ختام: لماذا نحب هذه الدرجة من الأبيض؟
لأنها لون يشبه الحياة الواقعية:
ليست بيضاء تمامًا، ولا رمادية، ولا بيجية…
بل شيء بين هذا وذاك.
شيء يشبه المسافة بين لحظة شروق الشمس ولحظة استقرارها…
لونٌ يعيش في الهامش الحساس بين الضوء والظل.
ولأن البيوت ليست أماكن جامدة،
بل عوالم تتغير مع مزاج أصحابها،
فإن الأبيض المائل للبيج يظل الخيار الأقرب للروح:
هادئ، رقيق، ومستعد دائمًا ليبدأ قصة جديدة.مصمم أو رسام أو شاعر)؟
صياغه ادبيه من المصدر باللغة الإنجليزية
Pantone’s Off-White Color Of The Year: Why Undertones Matter
