طقطة باب ... تؤدى إلى اختراع الثرموستات !!

هل فكرت فى منظم الحرارة (الثرموستات) وكيف يعمل؟ أعتقد أنه قلما يفكر أحد فى مثل هذا الجهاز مع أنه أداة هامة من أدوات المدنية الحديثة.

فمثلا نوقد فرن التدفئة كل صباح فى الشتاء ثم نتركه وننساه لأننا على ثقة من أن صمام منظم الحرارة الصغير سيضبط درجة الحرارة ويحتفظ بها عند الدرجة التى نرغبها. وتضع السيدة الطعام فى فرن المنزل وتتركه ثم تذهب لشئونها الأخرى مطمئنة لأنها تعرف تمام المعرفة أن هذا الجهاز الصغير سيتحكم فى حرارة الطهو فيطهو الطعام كما هو مطلوب تماما.  ويزود سخان المياه المنزلى بالمياه الساخنة للاستحمام والغسيل وغير ذلك ولن ترتفع حرارة الماء ارتفاعا خطرا بفضل منظم الحرارة الصغير.  وكذلك تكوى السيجة أرق الأنسجة وألطفها دون ماخوف أو خطر بمكوتها الأوتوماتيكية التى يضبط حرارتها منظم حرارة صغيرة موضوع بداخلها.

حقا إن منظم الحرارة منع عنا كثيرا من القلق وآمننا من أخطار الحريق وغيره, ولكن ابتكاره وانتشار استعماله استغرقا وقتا طويلا لأن أحدا لم يتمكن من اختراع منظم حرارة بالحجم المناسب لأداء العمل المطلوب منه.  حتى تمكن ميكانيكى أمريكى أخيرا من إخراج ملم يتمكن من إخراجه الكهربيون!  وكن كيف له ذلك؟

كان "جون البى سبنسر" يشتغل خفيرا نظاميا ليليا فى ورشة ماكينات نجارة عندما خطرت له الفكرة الأصلية التى بنى عليها منظم الحرارة "الثرموستات". وكان عمله الأساسى تغذية النار اللازمة لحجرة المحركات بالوقود.  وفى بداية الأمر كان يحسب أن هذا العمل مضن,  إذا كان اللهب يلتهم الوقود بسرعة ومن ثم كان لا يجرؤ "سبنسر" على الابتعاد عن الفرن خوفا من أن ينسى تغذيتها فى الوقت المناسب فتذوى وتخمد.

وذات مساء لاحظ أن باب الفرن وهو عبارة عن غطاء مستدير فى أعلى غرفة النار "يطقطق" أحيانا بصوت مرتفع.  ولاحظ وهو يراقب الفرن ذات ليلة أن الطقطقة تحدث دائما عندما يحمى الفرن بعد إيقاده بمدة ثم لا يحدث صوت حتى تبدأ النار فى الخمود.

ياله من أمر عجيب!  سأل "سبنسر" نفسه: يا ترى ما سبب هذا؟! للإجابة على هذا التساؤل, كان لابد عليه أن يلازم الفرن بعد أن أوقده وألا يغادر حجرة المحركات رغم جوها الحار, وأخذ يراقب الفرن ليعرف حل هذا اللغز - لغز باب الفرن الذى يصدر هذه الطقطقة.

وسرعان ماعرف السبب وأخذ يضحك لأن حل اللغز كان من البساطة بمكان.  كيف؟  عندما ترتفع درجة حرارة الجزء الأوسط من باب الفرن المستدير بأسرع مما ترتفع فى حافته, يتمدد هذا الجزء بفعل الحرارة قبل تمدد الحافة.  وعندئذ ينبعج الباب كله من الشج الذى يسببه هذا التمدد.  وهذا ماسبب الطقة الأولى.  ويحدث العكس تماما عندما تأخذ النار فى الخمود,  إذ تنخفض درجة حرارة الجزء المنبعج من باب الفرن ويقل تمدده ويقل الشد عليه تبعا لذلك فيطق الباب أثناء استواء هذا الانبعاج الذى سببته الحرارة ورجوعه سيرته الأولى.

ومرت سنوات وسنوات والتحق "سبنسر" بإحدى شركات الكهرباء فى بوسطن.  وبطبيعة الحال كان يستمع إلى كلام كثير يدور حول موضوع كان يشغل أذهان كل شركة من شركات الكهرباء فى ذلك الوقت وهو استكمال تركيبة مبتكرة لضبط الحرارة أوتوماتيكيا فى بعض الأجهزة الكهربية.

وهنا بدا لسبنسر أن هناك منفعة عملية لما عرفه فى ورشة ماكينات النجارة عن باب الفرن, وهو أن قطعة من المعدن يمكن أن تتغير فى الشكل والوضع فى أحوال معينة, فأخذ يفكر "لماذا لا أستعمل قرصا معدنيا لإطلاق التيار الكهربى وقطعه؟". إن أى قطعة من المعدن تنحنى عندما تسخن فتقطع التيار الكهربى". وبدا هذا سهلا ميسورا غير أنه اكتشف بعد ذلك أن تنفيذه صعب. وقضى "سبنسر" سنوات عشر قبل ان يتمكن من استكمال منظم الحرارة الذى ابتكره فى عام 1925

منقول من كتاب الطرائف العلمية


تفاعل مع الصفحة

تفاعل مع الصفحة