الصناعات النسيجية .. تشكو الإهمال !

سوق الملح من أقدم أسواق الصناعات الحرفية في اليمن ويقع وسط صنعاء القديمة ويضم في أسواقه المتخصصة عدداً من الورش المرتبطة ببعض من المهن الحرفية التي تلاشت مع مرور الأيام، وتأتى في مقدمة هذه المهن الصناعة النسيجية تلك المهنة التي اعتمدت في بدايتها على العمل اليدوي، ثم تطورت إلى ما يسمى الحياكة اليدوية المعتمدة على الآلات التقليدية الخشبية البسيطة التي ما لبثت حتى اختفت هي الأخرى نتيجة المنافسة الشرسة من المنسوجات الصينية والهندية التي أغرقت السوق اليمنية بأسعار رخيصة جدا.

كثير من الصناعات الحرفية التي اشتهر بها الحرفيون اليمنيون منذ مئات السنين أصبحت في خبر كان في ظل تفرج الجهات الحكومية المعنية بحماية هذه الصناعات باعتبارها جزءاً من الموروث الثقافي اليمني .ويقول محمدالمساجدي -حرفي-وعلامات الحزن مرسومة على وجهه إن الكثير من الصناعات الحرفية اختفت ومنهاالصناعة النسيجية الحرفية التي لم تصمد طويلا أمام المستورد الذي غزا السوق اليمنية بأبخس الأثمان. السجاد من التراث اليمني، وبدأت صناعة السجاد أوكما يسميه البعض البساط منذ قديم الزمان على أساس أن اليمنيين كانوا يعتمدون على فرش منازلهم بالسجاد والفرش المصنوع محليا المعتمد على صوف الأغنام.

اللحف

وتعتبر صناعة اللحف (الصمايط ) إحدى أدوات الزينة عند اليمنيين قديما وتوضع على الكتف من الحرف التي تعرضت لصراع مرير من أجل البقاء والاحتفاظ بهويتها كفن يدوي في مواجهة التطور السريع في تكنولوجيا الصناعة النسيجية، وتعتبر تهامة(سوق بيت الفقيه) المركز الرئيسي لهذه الصناعة التي لاتزال تحاول البقاء أمام نظيراتها الهندية التي يتراوح أسعارها بين500و1500ريال مقارنة مع3500-5000ريال لليمني.
ويؤكد الحرفيون أن صناعة السجاد اليمني القديم قد اختفت وكذلك الستائر والردات النسائية التي تستخدم كغطاء للمرأة عند خروجها من المنزل وحلت محلها المستوردة المعتمدة على الطبع فيما أصبح اقتناء السجاد والمفروشات القديمة مقتصراً على السائح الأجنبي والعربي وبعض اليمنيين .
وكان اعتماد الحرف قديماً يتم من خلال اجتماع لأهل الصنعة وشيخهم لرؤية وفحص أعمال الحرفي الجديد, فإذا كانت على المستوى المطلوب يقيم الحرفي مأدبة اعتماد لجميع الحرفيين للاحتفال بانضمامه للمهنة أما حالياً فدخول المهنة يتم بصورة تلقائية بعد تعلمها.
وتجد الصناعات النسيجية الحرفية رواجاً في السوق المحلية من قبل السياح والأجانب المقيمين في صنعاء الذين يقبلون وينبهرون بجودتها وعملها اليدوي المتقن ويتهافتون عليها.
فيما تستخدم(اللحف) للتعليق بالغرف، وأحياناً يعتبرها البعض جزءاً مهماً وأساسياً فى ديكور المكان خاصة في تهامة وزبيد التي تعتبر أحد الأماكن المشهورة في هذه الصناعة ، وحينذاك تطلب لوحات بأشكال وتصميمات وأحجام معينة .
وفى ثنايا سوق بيت الفقيه لا يزال ينبعث عبق التاريخ وسحره الخلاب لينطلق في الفضاء الرحب عبر الملامح المعمارية للأبنية القديمة وعبر أولئك الرجال الجالسين فوق مقاعدهم المصنوعة أشجار النخيل يحيكون خيوط (اللحف) في حركة رشيقة تنطق بكل مهارات الصانع.
واستطاع هؤلاء الحرفيون عبر تاريخهم الطويل أن يقرنوا سوقا باسمهم لتحمل سوق اللحف وتصبح مقصداً للسياح والزائرين من عشاق التراث والفن الجميل.

فترات زاهية

ومرت هذه المهنة بفترات زاهية كان الناس خلالها يقبلون المفروشات الصوفية لجودتها وصحيتها لخلوها من المواد الكيميائية حتى الأجانب المقيمين في صنعاء يحرصون على فرش منازلهم بالمفروشات اليمنية القديمة حتى لوكانت أسعارها مرتفعة إضافة إلى البدو الذين لازالوا يفضلون المنسوجات القديمة دون غيرها وكذلك تهتم بعض الفنادق باكساب غرفها روح التراث من أجل إرضا ذوق السائحين لذا تشتري منتجات المفروشات القديمة، وتزود بها غرفها.
أما الجمهور العادي من اليمنيين فلا يقبل على هذه المنتجات ، ولا يشترون إلا بعض العرائس اللاتي تتطلب تصميمات معينة في ستائر منزل الزوجية أو مفارش المناظر.
وسوق المفروشات القديم المعتمد على الحياكة لم يعد مثلما كان في الماضي فحركة البيع قلت كثيراً عما كانت عليه بسبب ظهور التكنولوجيا والماكينات التي أتاحت أقمشة ومنتجات مطبوعة بتصميمات وخطوط البساط اليدوية نفسها ولكنها أقل سعراً وهذا ما أدى إلى اندفاع الزبائن نحو الأرخص من دون الاهتمام بالفارق الكبير فى الجودة وهذا ما أثر في الصناعة النسيجية الحرفية ودفع الكثير منهم إلى هجر مهنتهم خصوصاً أنها أصبحت تجارة موسمية لا تنشط إلا فى فصل الشتاء موسم السياحة .

المصدر : موقع الإقتصادى اليمنى

تفاعل مع الصفحة

تفاعل مع الصفحة